في عالم مليء بالتحديات والفرص، تكمن أهمية التفكير الفعّال وتطوير مهارات العقل في صميم النجاح والتقدم. في هذا السياق، يظهر برنامج الكورت (CORT)
هل تساءلت يومًا عن كيفية تميز الأذكياء في حل المشكلات واتخاذ القرارات؟ هل تتساءل عن سر إبداع بعض الأفراد في إيجاد حلاً جديدًا للتحديات؟ وما علاقة هذا بـــ تعزيز اللياقة الذهنية من خلال برنامج الكورت CORT ؟
برنامج الكورت CORT ظهر كنموذج تعليمي قوي لتطوير مهارات التفكير في مختلف البيئات التعليمية. تم تطويره بواسطة الدكتور إدوارد دي بونو، النفساني والمؤلف الشهير، ويقدم برنامج الكورت CORT نهجًا منهجيًا لتعزيز القدرات العقلية ومهارات حل المشكلات والتفكير الإبداعي. في هذا المقال، سنستكشف الدور الهام الذي يلعبه برنامج الكورت CORT كنموذج تعليمي جديد لتطوير مهارات التفكير.
قــد يــهــمــك آيــضــآ سلسلة الحروف الإنجليزية letter N
متي ظهر برنامج الكورت CORT ؟
تشير كلمة CORT إلى اختصار (Cognitive Research Trust) والتي تعني (مؤسسة البحث المعرفي) التي أنشأها دي بونو في كامبردج (انجلترا).
برنامج الكورت (CORT) تم تطويره من قبل الدكتور إدوارد دي بونو، وهو عالم نفس ومفكر بارز، وظهر لأول مرة في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين. تم تقديم برنامج الكورت كجزء من الجهود المستمرة لتعليم وتعزيز مهارات التفكير الإبداعي والنقدي واتخاذ القرار وحل المشكلات. تطور البرنامج على مر الزمن واستخدم في مختلف المجالات التعليمية والمؤسسات والشركات حول العالم.
من هو الدكتور إدوارد دي بونو Edward de Bono ؟
دي بونو يُعتبر رائدًا في تطوير الأساليب والأدوات لتعزيز التفكير الإبداعي والنقدي، وله تأثير كبير على مجتمع التعليم والأعمال والابتكار.
الدكتور إدوارد دي بونو (Edward de Bono) هو عالم نفس معروف ومفكر في مجال تطوير التفكير واتخاذ القرار. وُلد في 19 مايو 1933 في مالطا. يُعتبر دي بونو واحدًا من أبرز الشخصيات في ميدان تطوير التفكير والإبداع.
تخصص دي بونو في مجال التفكير الإبداعي والتصميم العقلي، وقد قام بتطوير العديد من الأساليب والأدوات التي تهدف إلى تحسين قدرات الأفراد على التفكير النقدي والإبداعي واتخاذ القرار. أحد أهم إسهاماته هو نظرية التفكير الستة (Six Thinking Hats) ونظرية التفكير الجانبي (Lateral Thinking)، التي تهدف إلى توجيه وتنمية العقل بطرق مختلفة.
ما هو برنامج الكورت CORT ؟
برنامج الكورت (CORT) هو برنامج عالمي مصمم لتعليم وتطوير مهارات التفكير لدى الأفراد. تم تطويره من قبل الدكتور إدوارد دي بونو وصدر عن مؤسسة البحث المعرفي (Cognitive Resarch Trust) في السبعينيات. يهدف البرنامج إلى تعزيز التفكير الإبداعي والنقدي وتطوير مهارات اتخاذ القرار وحل المشكلات لدى الأفراد.
برنامج الكورت يتألف من ست وحدات، وكل وحدة تحتوي على عشرة دروس، مما يجعل مجموع محتوى البرنامج يتضمن ستون درسًا. يتم تدريس هذه الدروس بشكل منفصل أو كجزء من مناهج دراسية مختلفة. البرنامج يعتمد على أدوات تفكير متنوعة تتناول مجموعة متنوعة من مهارات التفكير مثل التفكير النقدي، والتفكير الإبداعي، والتفكير الجانبي، وحل المشكلات، والتواصل الفعّال، والإدراك.
يتميز برنامج الكورت بسهولة تصميمه واستخدامه، ويمكن تطبيقه في مجموعة متنوعة من السياقات التعليمية والمهنية. يهدف البرنامج إلى تطوير مهارات التفكير لدى الأفراد وزيادة قدرتهم على التفكير بشكل منهجي وإبداعي، مما يساهم في تحسين أدائهم الأكاديمي والمهني وتمكنهم من التفوق في مواقف الحياة اليومية.
مكونات برنامج الكورت CORT
هذا التقسيم يساعد في فهم أفضل لمحتوى برنامج الكورت وما يتضمنه كل جزء منه من مهارات وأدوات لتنمية التفكير وتحسين الأداء العقلي.
الجزء الأول – توسيع الإدراك وأفق التفكي
- يهدف إلى توسيع الإدراك لدى الأفراد وزيادة مدى اتساع تفكيرهم. يُعتبر هذا الجزء أساسيًا لأنه يوفر الأسس والقواعد التي يمكن بناء باقي أجزاء البرنامج عليها.
الجزء الثاني – التنظيم والتحليل
- يُركز على تطوير مهارات التنظيم والتحليل والمقارنة. يساعد الأفراد على ترتيب الأفكار والمعلومات بشكل منهجي وفحصها بدقة.
الجزء الثالث – التفاعل والاتصال
- يهدف إلى تنمية مهارات التفاعل الاجتماعي والتواصل الفعّال. يعمل على تعزيز التفاعل بين الأفراد وتحسين فهم العلاقات بينهم وقدرتهم على تقديم دلائل وحجج قوية.
الجزء الرابع – تنمية الإبداع
- يُركز على تطوير مهارات الإبداع والتفكير الإبداعي. يشجع على التفكير خارج الصندوق واقتراح حلول جديدة ومبتكرة للمشكلات.
الجزء الخامس – المعلومات والعواطف
- يساعد على إدارة المعلومات بشكل فعّال وتقدير العواطف المرتبطة بالتفكير واتخاذ القرارات.
الجزء السادس – العقل ووضع الأهداف
- يركز على تطوير القدرة على وضع أهداف وتخطيط لتحقيقها بشكل فعّال، بالإضافة إلى استخدام أدوات وتقنيات مختلفة لتحسين الأداء العقلي.
برنامج الكورت يتكون من 6 وحدات أساسية ، كل وحدة أو جزء يتكون من 10 دروس ، تابع نهاية المقال لمعرفة كل الدروس بالتفصيل ومثال عن تطبيق كل درس علي الاطفال
أهداف وأهمية برنامج الكورت
هذه الأهداف تسلط الضوء على أهمية برنامج الكورت في تطوير مهارات التفكير والتفاعل الاجتماعي والتحصيل العلمي للطلاب.
تحويل التفكير إلى مهارة
- يهدف برنامج الكورت إلى تغيير النظرة التقليدية للتفكير من مجرد عملية إلى مهارة يمكن تنميتها وتعلمها بشكل فعال.
تنمية مهارات التفكير
- يسعى البرنامج إلى تعزيز مجموعة متنوعة من مهارات التفكير، بما في ذلك التفكير العملي، والمنطقي، والإبداعي لدى الطلاب والمتدربين.
التفكير الموضوعي
- يشجع البرنامج على التفكير بصورة موضوعية ومستقلة تجاه الأفكار والمعلومات.
احترام الذات وزيادة الثقة
- يساعد برنامج الكورت على بناء احترام الذات لدى الطلاب وزيادة الثقة في قدرتهم على التفكير واتخاذ القرارات.
تعزيز القدرة على التفاعل الاجتماعي
- يشجع البرنامج على تطوير مهارات التفاعل الاجتماعي مع الآخرين والتفاهم مع وجهات نظر مختلفة.
تحسين الأداء الأكاديمي
- يمكن لبرنامج الكورت أن يسهم في تحسين أداء الطلاب في المواد الدراسية وربما يزيد من مستوى التحصيل العلمي.
المشاركة الفعّالة
- يشجع البرنامج على مشاركة الطلاب بفعالية في العمليات التعليمية والتفكير بشكل نشط.
تغيير أسلوب التعليم
- يسعى برنامج الكورت إلى تحويل أسلوب التعليم التقليدي إلى نمط أكثر تفاعلية واشتراكية حيث يتحول الطالب إلى محور الحصة الدراسية.
تطبيق عملي للتفكير
- يعزز البرنامج التطبيق العملي للتفكير في الحياة اليومية ويشجع الطلاب على استخدام مهارات التفكير في مختلف جوانب حياتهم.
تعزيز التفاعل مع المجتمع المدرسي
- يساعد البرنامج في تعزيز التفاعل والتواصل بين أعضاء المجتمع المدرسي بشكل أفضل.
هل يمكنك دمج برنامج الكورت CORT مع المنهج الدراسي ؟
نعم بالتأكيد .. إليك الأراء التي تدور حيال تلك الأمر
يتم تدريس برنامج كورت (CORT) إما كمقرر دراسي مستقل أو ورشة تدريبية منفصلة، وهذا يعكس المرونة والتنوع في استخدامه كأداة تعليمية. يشجع الدكتور إدوارد دي بونو، مبتكر البرنامج، على تقديم اهتمام أكبر لتعليم التفكير والتطوير العقلي. وبناءً على مرونته، يمكن دمج برنامج الكورت بسهولة في المناهج المدرسية بأساليب متعددة تناسب أساليب التدريس المختلفة.
يُظهر هذا البرنامج مزايا عديدة في تنمية القدرات العقلية للطلاب. يثبت بعض التربويين أهمية دمج برنامج الكورت في المناهج المدرسية حيث يمكن تضمينه كجزء من المساقات الدراسية. دراسات سابقة مثل دراسة باراك ودوبلت في عام 1999 أظهرت تأثيرًا إيجابيًا لدمج برنامج الكورت مع المنهج الدراسي، حيث زادت دافعية الطلاب وارتفعت نتائجهم الأكاديمية في مختلف المواد الدراسية. هذا يؤكد على قيمة وفعالية برنامج الكورت في تحسين مستوى التفكير والتعلم.
تمثل عملية دمج برنامج الكورت في المنهج الدراسي تحدًا مهمًا لتعزيز مهارات التفكير وتطوير القدرات العقلية للطلاب.
قــد يــهــمــك آيــضــآ مفاتيح التفكير العشرين للأطفال – المفتاح الثالث – مفتاح السلبيات والعيوب
إليك مثالًا على كيفية دمج برنامج الكورت مع المنهج الدراسي
هذا المثال يظهر كيف يمكن دمج برنامج الكورت مع المنهج الدراسي لمادة العلوم، مما يساعد الطلاب على تطوير مهارات التفكير النقدي واتخاذ القرارات العلمية بشكل أفضل.
- المادة – العلوم
- المستوى – الصف الخامس
- الموضوع – التحليل العلمي واتخاذ القرارات
- الهدف – تعزيز مهارات التفكير واتخاذ القرارات العلمية
الخطوات
تقديم المفهوم
- يتم تقديم مفهوم العلم وأهميته في حياتنا اليومية. يمكن استخدام أمثلة على تطبيقات العلم في العالم الحديث.
تدريس مهارات الكورت
- يتم تدريس جزء من برنامج الكورت المخصص لتوسيع الإدراك والتفكير الإبداعي. يمكن استخدام أدوات مثل “مناقشة الأفكار” لتشجيع الطلاب على التفكير بشكل مختلف حول مفاهيم العلم والتحليل العلمي.
تطبيق الأدوات
- يُطلب من الطلاب تطبيق مهارات الكورت في حل مشكلة علمية محددة. يمكن أن تكون المشكلة مرتبطة بموضوع الدرس، مثل مشكلة بيئية تحتاج إلى حلاً علميًا.
التفكير النقدي
- يُشجع الطلاب على استخدام مهارات الكورت في التفكير النقدي حيث يقومون بتحليل المعلومات وتقييم الأدلة العلمية لاتخاذ قرارات مستنيرة.
المناقشة والعروض
- يتم تنظيم مناقشات في الفصل الدراسي حول القرارات العلمية التي اتخذها الطلاب. يمكن للطلاب عرض أفكارهم وتفسير الأسباب وراء اختيارهم للحلول العلمية.
التقييم
- يتم تقييم أداء الطلاب بناءً على فهمهم للمفاهيم العلمية واستخدامهم لمهارات الكورت في التفكير واتخاذ القرارات.
برنامج الكورت في الدين الإسلامي
من المتعارف عليه على أنَّ أصول برنامج الكورت أجنبية نتيجةً لأنّ واضعه ومبرمجه ليس عربي ولا حتي مسلم ، لكن حسب ما تستنتجه البحوث في الأدب التربوي، فإن لهذا البرنامج جذورًا إسلامية تاريخية ثابتة سبقت دي بونو في الحديث عن مهارات التفكير التي وضعها في برنامجه.
ولكن دي بونو هو أول من صنفها في برنامج خاص. يمكن للقارئ للقرآن الكريم والسنة النبوية التأكيد على ذلك من خلال قول السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “نزلت عليّ الليلة آية، فويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها، وكانت هذه الآية: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [آل عمران: 190-191]. تُظهر هذه الآية أهمية التفكير في كل شيء، بما في ذلك التفكير في خلق الله لهذا الكون بدقة وإحكام. ومن هنا يُمكن القول إنَّ هناك آيات عديدة تتحدث عن المهارات التي وضعها دي بونو في برنامجه.
تلخيص الحديث في مجال التوسعة والإدراك على خمس مهارات من برنامج الكورت
معالجة الأفكار
عند الحديث عن معالجة الأفكار، يمكننا الاستشهاد بقوله تعالى: “وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون” [البقرة: 216]. هذه الآية تشجع على عدم الاستعجال في الحكم على الأمور دون النظر إلى جميع جوانبها وآثارها الإيجابية والسلبية.
مهارة اعتبار جميع العوامل
يقول المغربي أنَّ الدين الإسلامي وجّه التفكير إلى مهارة اعتبار جميع العوامل التي تؤثر في حياة الإنسان. فالاهتمام بجميع جوانب الحياة والعمل في الدنيا للآخرة هو منهج من مناهج التربية الإسلامية.
مهارة البدائل والاحتمالات والخيارات
يُشجع في الإسلام على البحث عن البدائل والاحتمالات والخيارات الصحيحة التي من شأنها أن تزيد فرص النجاح. ذلك مثلاً في كفارة حلف اليمين التي تأتي بخيارات متعددة وفقًا لقوله تعالى: “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ” [المائدة: 89].
مهارة وجهات النظر
التربية الإسلامية تؤكد على احترام وتقدير وجهات النظر وتشجع على الشورى والاستماع واحترام آراء الآخرين والتشاور في القرارات، وذلك وفقًا لقوله تعالى: “وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ” [آل عمران: 159].
مهارة وضع الأهداف
يوجه الإسلام المسلمين نحو تحقيق الأهداف البعيدة في الحياة، وهذا ينبع من أن الهدف الأسمى من خلق الإنسان والكون هو تحقيق العبودية لله تعالى.
قــد يــهــمــك آيــضــآ مفاتيح التفكير العشرين للأطفال – المفتاح الثاني – ماذا لو؟
في الختام
في الختام، يمكننا أن نقول بأن برنامج الكورت هو أداة تعليمية وتطويرية متعددة الجوانب تهدف إلى تعزيز مهارات التفكير والتحليل لدى الأفراد. يقوم البرنامج على أسس تاريخية وثقافية متنوعة، حيث استلهم بعض مفاهيمه ومبادئه من التراث الإسلامي.
برغم أن واضع البرنامج قد يكون من أصل غربي، إلا أن تفضيله لمفاهيم التفكير والاستدلال التي تجدها في الإسلام يسلط الضوء على أهمية التقاطع الثقافي والحوار العالمي. البرنامج يشجع على النظر بعمق في القضايا، والبحث عن البدائل والحلول الإيجابية، واحترام وجهات النظر المتنوعة، وتحديد الأهداف البعيدة المدى.
بفضل هذا البرنامج، يمكن للأفراد تطوير قدراتهم في مجموعة متنوعة من المجالات وتحقيق النجاح في حياتهم الشخصية والمهنية. وفي نهاية المطاف، يمكن لبرنامج الكورت أن يكون عاملًا إيجابيًا في بناء جسور التفاهم والتعاون بين مختلف الثقافات والمجتمعات في سبيل تحقيق التقدم والازدهار المشترك.
يمكنك معرفة كل أجزاء برنامج الكورت وأمثلة عن كيفية تطبيق برنامج الكورت علي الاطفال ، من هنا.